يوسف القبلان - جريدة الرياض
تنتشر بين أوساط بعض الأطفال والشباب أغنية باللهجة الشعبية يؤديها أحد الهواة على طريقة (الراب) الغربية وهي مع الأسف من بدايتها حتى نهايتها عبارة عن قصيدة هجاء هابطة تشتم المدرسة والمعلمين.
قبلها كان هناك أغنية غربية تقوم حول نفس الفكرة وتعمل على تفعيل مشاعر العداء بين الطالب وبين المدرسة.
المشكلة إذن مشكلة عالمية وليست من اختصاصنا، ونحن الآن في أيام الاختبارات وبعد نهايتها يعلن الطلاب الاحتفال بنهاية العام الدراسي، ويعبرون عن ذلك بتمزيق الكتب المدرسية.
المفارقة أن الدول تضع التعليم في قمة الأولويات، وتخصص له أكبر الميزانيات وتحرص الحكومات على توفير التعليم للجميع ورصد الجوائز والمكافآت للتفوق، والابداع، وتوفر المنح الدراسية، وبرامج الابتعاث، وتبحث في التوظيف عن المؤهلين علمياً، وعن أصحاب التخصصات النادرة، وتقيم الجامعات والمعاهد، ومراكز التدريب.
كل ذلك إيماناً بأهمية التعليم في البناء والتنمية.
وكل ذلك يبدأ في المدرسة، ولا يتحقق إلا بالمدرسة فهي المكان الذي يحتضن القلوب والعقول لبناء شخصية الإنسان القادر على التعلم، والتفكير المستقل، وتحليل المشكلات واتخاذ القرارات، وتقديم المبادرات .. والمدرسة في نفس الوقت مكان لتلقي التعليمات والتوجيهات لتعمل وفق أطر تنظيمية تقليدية لا تتغير بسهولة.
لازال المعلم يقف أمام الطلاب، والطالب ينظر إليه منصتاً ينتظر المعلومة، والأوامر، والنواهي ولازال مبنى المدرسة وفصولها كما كانت قبل خمسين سنة وأكثر رغم تغير دور المعلم، ورغم تطور تقنيات التعليم، والثورة التقنية التي دخلت في كل مجال، ولازالت الاختبارات التقليدية التي تقيس ذاكرة الطالب هي معيار التقييم والانتقال من مرحلة إلى أخرى.
هل هذا يبرر الهجوم على المدرسة؟
لا وألف لا.. فالمدرسة بيت للعلم، والتربية، ومكان للعلاقات الإنسانية، وبيئة أوجدت لتنمية العقول، وتهذيب القلوب، وإكساب المهارات، وتنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الطالب ليكون عضواً نافعاً في المجتمع يشارك في بنائه وتنميته ورخائه وأمنه واستقراره.
السؤال المهم.. هل يجوز أن تُستغل أخطاء فردية في المدرسة لإدانة المدرسة بكاملها؟
والسؤال الأهم، متى تتحول المدرسة إلى بيئة جاذبة، ومتى يتطلع الطالب بشوق ولهفة إلى بدء العام الدراسي؟