يحكى أن رجلاً تزوج امرأة آية في الجمال .. فأحبها وأحبته وكانت نعم الزوج لنعم الرجل .. ومع مرور الأيام اضطر الزوج للسفرطلبا للرزق .. ولكن .. قبل أن يسافر أراد أن يضع امرأته في أيدٍ أمينة لأنه خاف منجلوسها وحدها في البيت فهي امرأة لا حول لها ولا قوة فلم يجد غير أخ له من أمهوأبيه .. فذهب إليه وأوصاه على زوجته وسافر ولم ينتبه لحديث الرسول الكريم عليهأفضل الصلاة والتسليم : الحمو الموت !!
ومرت الأيام .. وخان هذا الأخ أخيهفراود الزوجة عن نفسها إلا أن الزوجة أبت أن تهتك عرضها وتخون زوجها .. فهددها أخوالزوج بالفضيحة إن لم تطيعه .. فقالت له افعل ما شئت فإن معي ربي وعندما عاد الرجلمن سفره قال له أخوه على الفور أن امرأتك راودتني عن نفسي وأرادت خيانتك إلا أننيلم أجبها !!
طلق الزوج زوجته من غير أن يتريث ولم يستمع للمرأة وإنما صدق أخاه !
انطلقت المرأة .. لا ملجأ لها ولا مأوى .. وفي طريقها مرت على بيت رجل عابدزاهد .. فطرقت عليه الباب .. وحكت له الحكاية .. فصدقها وطلب منها أن تعمل عنده علىرعاية ابنه الصغير مقابل أجر .. فوافقت ..
في يوم من الأيام خرج هذا العابد منالمنزل .. فأتى الخادم وراود المرأة عن نفسها .. إلا أنها أبت أن تعصي الله خالقها !!
وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أنه ما خلى رجل بامرأة إلاكان الشيطان ثالثهما !
فهددها الخادم بأنه سينال منها إذا لم تجبه .. إلا أنهاظلت على صمودها فقام الخادم بقتل الطفل !
عندما رجع العابد للمنزل قال لهالخادم بأن المرأة قتلت ابنه .. فغضب العابد غضباً شديداً .. إلا أنه احتسب الأجرعند الله سبحانه وتعالى .. وعفى عنها .. وأعطاها دينارين كأجر لها على خدمتها له فيهذه المدة وأمرها بأن تخرج من المنزل
قال تعالى : (والكاظمين الغيظ والعافين عنالناس والله يحب المحسنين)
خرجت المرأة من بيت العابد وتوجهت للمدينة فرأت عددامن الرجال يضربون رجلا بينهم .. فاقتربت منهم وسألت أحدهم .. لمَ تضربونه ؟؟فأجابها بأن هذا الرجل عليه دين فإما أن يؤديه وإما أن يكون عبداً عندهم .. فسألته : وكم دينه ؟؟
قال لها : إن عليه دينارين .. فقالت : إذن أنا سأسدد دينه عنه ..
دفعت الدينارين وأعتقت هذا الرجل فسألها الرجل الذي أعتقته : من أنت ؟
فروتله حكايتها فطلب منها أن يرافقها ويعملا معا ويقتسما الربح بينهما فوافقت ..
قال لها إذن فلنركب البحر ونترك هذه القرية السيئة فوافقت ..
عندما وصلاللسفينة أمرها بأن تركب أولا .. ثم ذهب لربان السفينة وقال لها أن هذه جاريته وهويريد أن يبيعها فاشتراها الربان وقبض الرجل الثمن وهرب ..
تحركت السفينة .. فبحثت المرأة عن الرجل فلم تجده ورأت البحارة يتحلقون حولها ويراودونها عن نفسهافتعجبت من هذا الفعل .. فأخبرها الربان بأنه قد اشتراها من سيدها ويجب أن تطيعأوامره الآن فأبت أن تعصي ربها وتهتك عرضها وهم على هذا الحال إذ هبت عليهم عاصفةقوية أغرقت السفينة فلم ينجو من السفينة إلا هذه المرأة الصابرة وغرق كل البحارة ..
وكان حاكم المدينة في نزهة على شاطئ البحر في ذلك اليوم ورأى هبوب العاصفة معأن الوقت ليس وقت عواصف .. ثم رأى المرأة طافية على لوح من بقايا السفينة فأمرالحرس بإحضارها ..
وفي القصر .. أمر الطبيب بالاعتناء بها .. وعندما أفاقت .. سألها عن حكايتها .. فأخبرته بالحكاية كاملة .. منذ خيانة أخو زوجها إلى خيانةالرجل الذي أعتقته فأعجب بها الحاكم وبصبرها وتزوجها .. وكان يستشيرها في كل أمرهفلقد كانت راجحة العقل سديدة الرأي وذاع صيتها في البلاد ..
ومرت الأيام .. وتوفي الحاكم الطيب .. واجتمع أعيان البلد لتعيين حاكم بدلاً عن الميت .. فاستقررأيهم على هذه الزوجة الفطنة العاقلة فنصبوها حاكمة عليهم فأمرت بوضع كرسي لها فيالساحة العامة في البلد .. وأمرت بجمع كل رجال المدينة وعرضهم عليها ..
بدأالرجال يمرون من أمامها فرأت زوجها .. فطلبت منه أن يتنحى جانباً
ثم رأت أخوزوجها .. فطلبت منه أن يقف بجانب أخيه ..
ثم رأت العابد .. فطلبت منه الوقوفبجانبهم ..
ثم رأت الخادم .. فطلبت منه الوقوف معهم ..
ثم رأت الرجل الخبيثالذي أعتقته .. فطلبت منه الوقوف معهم ..
ثم قالت لزوجها .. لقد خدعك أخوك .. فأنت بريء .. أما هو فسيجلد لأنه قذفني بالباطل !
ثم قالت للعابد .. لقد خدعكخادمك .. فأنت بريء .. أما هو فسيقتل لأنه قتل ابنك !
ثم قالت للرجل الخبيث .. أما أنت .. فستحبس نتيجة خيانتك وبيعك لامرأة أنقذتك !
وهذه هي نهاية القصة وفيذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ومن يتق الله يجعل لهمخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ..