الموضوعية
هذه الكلمة التي أعشقها ، والتي أعتقد أنها الحد الفاصل بين إنسانين
يعيشان على هذه الأرض وتكونت منهما كل مجتمعاتها .
حدث ذات يوم عندما كنت طفلا صغيرا وأنا ألعبُ مع صديقي لعبة معينة
سوء تفاهم حول تشكيلة اللعبة وإن كنتُ أنا الفائز أم صديقي وبالتالي
اقترح صديقي تحكيم أخوه في المشكلة ، فوافقت بشرط أن لايتكلم
هو ويدعني أجيب عن أسئلة أخيه الحكم واتفقنا ، وكانت لعبتي باللون الأبيض
ولعبة صديقي باللون الأسود ، وما أن جاء الحكم سأل لمن اللعبة باللون
الأبيض ؟ فقلتُ هي لـ أخوك ، فقال من دون تردد صاحب اللون الأبيض هو
الفائز ، وهذا يعني أنا بالطبع من دون ان يدري أنه حكم بخسارة أخيه ، ورضي
صديقي بالحكم بعد ضحكة طويلة مصحوبة ببعض الوجع .
وهنا كانت نظرة الحكم نظرة ذاتية مبنية على انحياز واضح للأخ مع إهمال
دلائل الحقيقة وأدواتها التي توصل لـ قرار حق ، وبذلك يمكننا تعريف الموضوعية
على أنها ( رؤية واقعية تتفحص أدلة الحقيقة من خلال العقل المجرد عن العاطفة
والإنحياز أو كل تأثير يُرجح جانباً على حساب آخر بغير دليل حقيقي واضح )
وبالتأكيد هي عملية صعبة جداً وتحتاج لـ شروط كثيرة ولكنها ممكنة التحقيق
بإرادة قوية وفهم واسع وحب حقيقي للحق وليس ادعاءاً فارغاً نسكبه هنا وهناك
لـ نعلو به ونكسب مواصفات ما لانستحق من الخير .
وإذا افترضنا أنك قائد في معركة وطلبتَ من اثنين من معاونيك وصف العدو وإمكاناته فـ قال
الأول : إنهم جبناء وسنهزمهم ،وقال الثاني : هم شجعان وعلينا استحضار أدوات
هزيمتهم .
فـ أي الشخصين يمكن أن تأخذ بكلامه ؟؟
إذا أخذتَ بـ كلام من سهل الأمر واستمتعتَ بوصف الجبن لأعدائكَ فأنت قائد فاشل ، وإذا أخذت
بقول الثاني الذي امتدح العدو ووصفه بالشجاع ، فأنت قائد ناجح لأنك لم تأبه لعاطفة تبغض
العدو وتريد الصاق الصفات السيئة به على حساب توازنات المعركة .
فهل جربتَ أن شهِدتَ لـ عدوك الذي تكرهه بصفة جميلة يحملها ؟
و
هل جربتَ أن أقررتَ حقيقة صفة بغيضة قبيحة في شخص تحبه حبّا كبيراً
كـ نفسكَ مثلاً أو من يقربُ إليك أو أشياء تخصك .
وإذا كنتَ تسأل فهذه هي الموضوعية التي تعطيك رؤيا الحقيقة من غير مخادعة
للذات وللآخرين ولها محاسن كثيرة وكبيرة التأثير تصل أحيانا الى تقرير مصير كما
هو حال الحكام عندما لايحبون الناصحين ويقربون المتملقين الذين يصفون لهم
مايحبون لا ما هو على أرض الواقع حقيقة حتى يُسقطونهم باسم الحب .
وكما هو حال المتعصبين الذين يقرأون التاريخ بعين الحب والبغض لا بعين المُبصر الذي
يبحث عن الحقيقة ، فهم يصدقون الخرافة اذا كانت في صالح من يحبون ويكذبون
الممكن والمعقول إذا كان فعلاً فعله من يبغضون .
وكذلك حين نتعامل مع الحدث ، اي حدث علينا أن ننظر له نظرة موضوعية مجردة
لكي تبرز حقائقه فلا نقع في الخطأ ولا يفوتنا ما يمكن استدراكه وتلافي ضرره
وللموضوعية أهمية كبرى لا أعتقد أن هناك مايساويها إذا أردنا الحق والخير لأنفسنا
ولمن ندعي محبتهم .
وأخيراً و كـ رؤية موضوعية
شو علاقة استكان الشاي بـ الموضوعية !!