بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ,, و بعد :
" أيها الأحبة "
كثيراً ما نسمع ونقرأ عن حال السّلف – رضوان الله عليهم – وعن شدّة وجلهم وخوفهم وخشيتهم لله سبحانه وتعالى ، وأنهم كانوا سريعي الدّمعة ، سرعان ما تفيض أعينهم بالدّمع عندما يستمعون إلى آي الكتاب العزيز ، أو إلى حديثٍ أو موعظةٍ ، أو حتى حكمةٍ بالغةٍ تنفذ إلى قلوبهم فتؤثّر فيها أيّما تأثير ...
مع ما كانوا عليه من صلاحٍ وتقوى ، وورعٍ وزهد ، وعلمٍ وعبادة ، ودعوةٍ وجهاد ...
وكما أنهم يخشون ربّهم وهم من عذابه مشفقون ؛ فإنهم يرجونه ولا يقنطوا من رحمته – جلّ وعلى - ..
وحقّ لنا والله أن نحقر أنفسنا عندما نقرأ في سيرهم ، ونعرف شيئاً من أخبارهم التي بلغت في السموّ غايتها ..
،،
[ بكى عمر بن عبدالعزيز فبكت فاطمة زوجه ، فبكى أهل الدّار ، لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء ، فلمّا تجلّى عنهم العبر ، قالت فاطمة : بأبي أنت يا أمير المؤمنين ممّ بكيت ؟ قال : ذكرت يا فاطمة منصرف القوم من بين يدي الله : فريقٌ في الجنة ، وفريقٌ في السّعير . فما زالوا يبكون ! ]
،،
الله أكبر .. أين هي دموعنا اليوم ؟؟
تمرّ علينا في يومنا عشرات المواعظ والعبر ، ونقرأ ونسمع عشرات الآيات والسّور ...
فلا تتحرّك فينا شعرة !
ولا تجود أعيننا بدمعة !
بل ربّما بكى بعضنا على فراق صديق !
أو هزيمة فريق !
أو همٍّ دنيويٍّ وضيق !
وما درا هؤلاء أن السّعادة في دمعةٍ نقيّةٍ في جوف الليل ..
(( ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ))
" إلهي "
أعذنا من قلبٍ لا يخشع ..
ومن عينٍ لا تدمع ..
ومن نفسٍ لا تشبع ..
ومن دعاءٍ لا يُسمع ..
(( نعوذ بك اللهم من هؤلاء الأربع ))