بلغني أيها الملك السعيد ... ذو الرأي السديد ....
والحكم الرشيد .....
غابة من ديار الأزهار ... لا يغيب عنها القمر حتى بالنهار .... تنعم بالود و الإستقرار ...
والشمس تعانق الأشجار ...
وتحكي ويا القمر أحلى الحكايات ...
و يسابقها صوت الأطيار ...
و تصفيق النسيم المبهور بغناء أميرة الأزهار ....
و عاشقها النرجس عازف الأوتار ...
و فجاة و بدون إستئذان و حسبان ...
جيوش من خيول تلك البلاد البعيدة ....
محملة بكل أسلحة الدمار .... قررت أن تزور ديار الأزهار ... في وضح النهار ....
و أن تسلب منها كل عطرٍ يفوح ... و تحرق كل غصنٍ فيها ... وتبدل صوت الفرح بعويل ينوح ....
علمت غابة الأزهار ... من البلبل و الكنار ....
بخبر غزو الأشرار ... فماذا حل بهم يا شطار ؟؟
ضج الزهر في الحقول ... و بكى النورس في البحور ...
و غطى النرجس العاشق غمامٌ من الذهول ....
و إحتارت ملكة الطيور ماذا تقول ......
تجمع سكان الحس الرفيع و عرضوا الأمر على أميرهم القمر المنير ... وبعد أخذٍ ورد طويل ...
قال صاحب السعادة الأمير ، هدية منا تبعد الشر عنا !!!
ووقع الأختيار على الجميلة ضوء النهار ،
أميرة أحلى الأزهار ... لتكون قرباناً لجحافل خيول الدمار !
بكى النرجس العاشق ...
و ثار في غضب ... حبيبتي أغلى من ذهب شهريار .... فحبسوه في قاع البحار ...
بكت أميرة الأزهار ...
و فاضت دموعها سيلاً من أنهار ....
وجاء اليوم الموعود ... و الكل شهود ...
مابين وقوفٍ و قعود ... تم التعاقد و قبول العهود ...
خصوصاً عندما رأي أمير الخيول ...
جمال صاحبة العيون السود ....
فطار عقله ووقع صريعاً للهوى من سحر الخدود ...
التي غطتها حمرة الحزن على الحبيب المفقود ....
ونجت بلاد الأزهار ... وغادر الأشرار ...
و معهم قلبٌ ينزف من فراق الأحبة ....
وبينما هم هكذا في الغابة يسيرون ...
أتاهم سيلاً يحمل معه أنات حزينة ...
و تلاها تبادل عزفٍ كالكمانِ والعود ...
من داخل ستر الأميرة .... فوقف الخيال محتار ....
و سأل : من صاحبي هذه الأوتار ...
وكيف تجرؤن ... فأشاروا له :
عاشقان ضمهما القمر و الأسحار وفرقهما الليل والنهار !! فصاح في هياج ...
هي لي ،هي لي ، هي لي ....
أسكت و غادر يا غدار ..... قالتها أميرة الأزهار ....
فغرس رمحه في النرجس حتى زااال .....
فعاشت تنظم بقلبها له أحلى الأشعار ....
و تأتي كل ليلةٍ مع الأسحار ..... تبكيه ....
و يتوارى منها القمر خجلاً و لا يظهر إلا حين يحبسها خيالها الغدار ....
وهكذا يقولون و من يومها يروون ...
أن القمر لم يعد يرغب في الظهور كل ليلة كما كان ...
و يكتفي بليلةٍ من كل شهر حزناً وندماً على مافعله بأميرة الأزهار و عاشقها عازف الأوتار