كان أهل القرية يحكون عن بلاد العجائب ويتحدثون عن
كل ما سمعوافيها من مناظر ومن جمال يبدو لزائرها بطبيعتها الساحرة
مما يعجز اللسان عن وصفة بلاد العجائب إنتشرت بين أهل القرية والحديث عنها
كثر إلي أن وصلت إلي الطبقة الأكثر فقراً عند أهل القرية. الفقراء جميعهم لم يحركوا ساكناً عن الخوض والسؤال عن بلاد العجائب لأنهم بالكاد يحصلون علي قوت
يومهم فكيف لهم أن يفكروا في الوصول إلي هذه البلاد البعيدة التي لايقصدها سوى أغنياء القرية غير أن هناك واحد من الفقراء قد غزاه الشيب ويوشك أن يهدر من قوة هذا الشيخ
أعزل ليس له مال أو ولد كل ما يملكه كوخ صغير لا يكاد يحميه من برد الشتاء
القارص ولا من لهيب الصيف يحلم هذا الشيخ العجوز ببلاد العجائب منذ أمدٍ بعيد ويمني نفسه بأن يحقق حلمه الذي طالما حلم به وهو أن يري هذه البلاد العجيبة.
مازال الشيخ العجوز يتابع شروق شمس كل يوم وهي تبزغ من بين الجبال منتظراً
إشراقة يوم تحمل له أخباراً سارة عله يتحقق حلمه في زيارة بلادالعجائب
وذات يوم رآه أمير القرية وهو عند ملتقي القوافل فتوقف الأمير المتواضع عند العجوز
الفقير فسأله : لم أنت هنا؟ فرد عليه العجوز فقال له
إني انتظر أن يكتب الله لي تحقيق حلمي الوحيد الذي أحلم به كل يوم وأن أري بلاد العجائب.. فقال له الأمير لابأس ستحقق حلمك وستري بلاد العجائب إن شاء المولي ..
فلدي قافلة متوجهة إلي بلاد العجائب بعد نحو أربعين يوماً فأعد نفسك لهذه الرحلة التي ستحقق بها حلمك ففرح الشيخ العجوز ودمعت عيناه لهذا الخبرالمفرح لم يتصور أن يحقق حلمه
الأوحد وهو فقير لا يستطيع تحمل كلفة السفر إليها غير أن أمير القرية قد تكفل
برحلته مع القافلة فكان اليوم يمرعلي العجوز كأنه سنة يشتاق
لرؤية إشراقة يوم جديد ويسعد لغروب الشمس ودخول الليل تبقى أسبوعاً على الرحلة .. تبقت ثلاثة أيام علي الرحلة يوم بعد يوم إلى أن حان موعد الرحلة التاريخية التي ينتظرها رحلة
تحقيق أحلام الفقراء اليتيمه إنطلقت القافلة وبدأت الرحلة
بصحبة الرجل العجوزإلى بلاد الأحلام بلاد العجائب سعد الرجل العجوز وهو علي أعتاب تحقيق حلمه اليتيم شعور لا يوصف وهو يحاكي الطيور في رحلته عن بالغ سعادته بهذه الرحلة توقفت القافلة عند واحة بني حسن ليأخذوا قسطاً من الراحة لبعض الوقت ويروا عطشهم
انطلقت القافلة لتكمل رحلتها فإذا بالشيخ العجوز يختفي عن الأنظار في غفلة
الرحالة فتغادرالقافلة والرجل العجوز ليس معهم !! لم يتفقده احد!! كيف له أن يتخلف
عن هذه الرحلة وهو من أشد المتشوقين إلي بلاد العجائب
فعادالرجل العجوز إلي قريته متألماً لأنه لم يكمل رحلة الأحلام تلك إلي بلاد العجائب بمحض إرادته فقد ترك القافلة تغادرمتعمداً لم يشأ
أن يكمل رحلة أحلام الفقراء وعند عودته إلي القرية رآه
الأمير فتعجب منه فسأله لم عدت إلي القرية وتركت القافلة المتجه إلي بلاد العجائب؟
الي البلاد التي تحلم بها كل يوم ؟
فرد عليه العجوز وهو ينظر إلي الأفق البعيد والدموع تنهمر من عينه وقال له :
يا أميرالقرية ليس لدي في الوجود سوى هذا الحلم اليتيم إن حققته فليس لدي ماأعيش
من أجله ومازال الرجل العجوز يحلم ببلاد العجائب كل يوم إلي أن أغمضت عيناه لم
يشأ العجوز أن يميت حلمه بتحقيقه .. فمات هو ولم يري يوما بلاد العجائب .. مات وهو
يحمل أحلام الفقراء !!
لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدى لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع الغاء مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع التصويت في هذا المنتدى تستطيع ارفاق ملف في هذا المنتدى تستطيع تنزيل ملفات في هذا المنتدى