احنا الثلاثه وحديث عن النفس اللعوب
اجتمعنا واثنين من الاصدقاء نتحاور وتناقش فى اسرار النفس البشريه الغريبه والعجيبه واللى احوالها يتوه فيها العاقل ويشت فيها ذوى البصيره والفكر
احد الاصدقاء متلحى وله باع فى الدين ونحسبه كذلك ونرمز له باسم مستعار (حسن ) والاخر زميل طبيب ولنرمز له بااسم مستعار ( احمد ) وله قراءات مختلفه وله تصور ذاتى انعم الله عليه ببصيره ومصداقيه وصدق وصراحه فى القول ربما يكون صريحا الى حد يخجل منه الاخرون و لكن لايملكون الا الابتسامه الباهته التى تخجل من نفسها لانها تشاركها نفس المشاعر ولكن تكتمها خجلا ولا تبوح بها حياءا
وتناول الحديث كيفيه السيطره على النفس اللعوب ووخواطرها المؤسفه وافكارها اللئيمه والاعيبها المحكمه التى تحيل على المقربين وتختال على المحبين فان باحت بما بها تعجب منها كل حبيب ولبيب هل من المعقول ان يصدر من تلك النفس الرائعه مثل هذه الافكار المشينه المخجله
وكان احمد اول المتكلمين :
والله ياجماعه خواطر النفس دى عجيبه فعلا منها ما يمر مر الكرام رغما عن سؤها وكراهيه النفس لها فمن الممكن ان تمر خاطره بك ان تفعل الفاحشه باقرب الناس اليك ويا تيك الخاطر على تمنى الموت لامك احب الناس اليك وان ماتت كنت اول الباكين عليها وتنظر الى ميراثك منها وما تفعله بالمال الذى يلتيك منها ..ده غير الخواطر التى تتعلق بالدين وذات الله العليه ومن حسن الادب مع الله عدم ذكرها والافصاح بها ... تلك خواطر لا حكم للانسان عليها تمر عليك كمرور سحابه صيف لاتتعلق بالذهن ومن المستحيل حجمها اودفعها كطفل صغير كثير الحركه صعب المراس يجرى ويفر منك ان حاولت الامساك به ياتى بافعال تلقائيه ربما يسب هذا وربما يشير بيده الى ما يخدش الحياء ويتفوه بكلمات ربما يتساقط الجبين عرقا من لو تفوهت بيها انت فى هذا الجمغ ولكنك تضحك ضحكه صفراء وتنهره نهرا ولا يلوم عيه احد وفى اخر المطاف نقول عيل مش عارف حاجه ...هكذا هى تلك الخواطر الطياره
ولكن نوعيه اخرى من الخواطر هى تمنى الشئ والاسترسال فى التفكيرفيه ...يعنى حضرتك ممكن تتخيل ان مع الست فلانه الفنانه المشهوره ذات القوام الممشوق والوجه اللميع والشعر الحرير واللبس اللى بيكشف اكثر مما يغطى ...طعبا الخواطر دى لايحساب الشرع عليها وان كنت حضرتك اول الخاسرين فيها وطعبا انت ممكن تتحكم فيها بقطع حبل الافكار وسد كل منافذ الاسرار وايقاف نفسك نفس موقفها فى خيال حضرتك كما لو كان حقيقى
اردفت قائلا :
بس حضرتك صريح قوى ..بس فعلا الخوطر الاخيره مش مجرمه لكن لازم احنا نحرمها على انفسنا ..ويمكن تكون فى وضع الاختيار للاختبار .؟ يعنى حضرتك لو قعدت تحلم بفلانه الفلانيه وتسرح معها هيبقى شكلك ايه وحالك ايه لو اتت صلاه العصر ..انت هتصلى ازاى واى قلب سيكون قلبك ..وده قلب مش عربيه هترجعها لوراء هترجع معاك .. ومش باب بمفتاح تفتحه وتقفله زى ماانت عايز ومش شويه قذاره على وجهك هتغسله بصابونه دوف برائحه الورد يروح كل حاجه ويصبح وجهك مره اخرى ابيض وبراءه الاطفال فى عينيه ..الموضوع مش سهل خالص..ان تحول قلبك من حال الى حال وامام من سبحانه وتعالى علام القلوب والغيوب .... وتفتكر انك لو اشبعتها بهذا النهم فماذا يكون حالها ان وقعت قدرا فى فتنه من الفتن طبعا هتوقع على طول على جذور رقبتك ...الموضوع مش حلال وحرام الموضوع ما نهايته حرام فهو حرام وان كان حلال... يعنى الاكل حلال لكن لو اقعدك عن الصلاه فهو حرام فى هذا المقام ..يعنى يبقى اتفقنا ان الخواطر التى بخاطرك وبخطرك وطوع ارادتك لو امعنت بالحرم فى خيالك بها فهى حرام وان كنت لاتحاسب بيها
اسئنف اخونا احمد الكلام واخونا حسن يسمع ويبتسم من الكلام :
اعتقد ان اول الامور واشدها واقواها فى مقاومه النفس ورغباتها هى استحضار عظمه الله واسماؤه الحسنى والتذكير بالوعد والوعيد ويوم فيها تبيض وجوه وتسود وجوه والاقتداء بسيد المرسلين وادامه ذكر الله وذكر افضل الكلام لايستقيم معه اسوء الافكار والخواطر فهو بمثابه حصين المؤمن يحتمى به من المغيرين عليه ويدفع اعدائه عن نفسه الضعيفه فالله الكبر من كل شئ وسبحانه وتعالى علام الغيوب فلا اله الا هو فوجب الحمد له على نعمه وكماله قدرته فسبحان الله رب العالمين
اردف حسن ومسك بخيط الكلام :
بس ساعات الواحد يبقى ذاكر لله ويغفو قلبه اذا اتى له عارض ممطر بمطر السوء والخيبه واصدقكم القول وانا فى احدى السفريات وجلست الى جوارى احدى الاخوات الملتزمات شكلا وكنت على حال من ذكر وطاعه وكان للاخت طفل صغير اهديته شئ بسيط من مشروب كان معى وبمجرد ان امسك الصغير بالشئ اليسير من الشراب دار حوار بينا لاحرمه فى مضمونه ولكن يحمل جوانب من الانس والود كنت احسب نفسى بعيدا عنه وكنت ايضا احسبها هى الاخرى بعيده عنه واستغربت لحالى واظن انها ايضا استغربت لحالها ..وفى نهايه الرحله لمت نفسى وقلت لها هكذا تبدا المعصيه وتزل الاقدام وتهوى القلوب ...فالنفس عجيبه وترويضها من الصعوبات الجسيمه ولكنها ليس من المستحيل ان استعنت بالله العلى القدير ..
طبعا ومفيش شك فى كده ان الذكر والطاعه رصيد فى حساب المدفوعات وزياده فى قوه ورصانه النفس وان الذاكر لله عز وحل ليس كالغافل او المقصر وحتى وان قدر عليه الذنب سيكون العون واللطف وسرعه الرجوع والانابه لله عز وجل وان الذنب سحب من الرصيد فان لم يكن هناك الرصيد انكشف الحساب ووقعت فى المحظور وافتضح الامر المستور وعوقبت على المفعول ...؟؟
تدخلت قائلا :
هو كده فعلا وانا عن نفسى لما احس ان نفسى معوجه شويه اذكرها بنعم الله عليها انت كنت عملتى ايه علشان تكونى فى مثل هذه النعم والابه اللى انت فيها انت مش ممكن تكون زى فلان ولا علان ...وانت مش فاكره يوم ما حصل كذا وكذا مش ممكن يحصل كذا وكذاه لو ستر الله عليك لكنت من المفضوجين ..وانت فاكره اليوم الفلانى يوم ما عملتى الذنب الفلانى فماذا حالك لو كان حصل زى ما حصال للعلان العلانى ..افتكر الذنوب والعيوب وافتكر الستر فاستشعر بكرم الله عزوجل وتتقلص نفسى وتهدا من سعيرها ويغفو لهيبها
تتدخل اخونا الكريم جسن :
انتم عارفين ياجماعه احسن حاجه لردع النفس اللعينه وايقافها موقفها هو طرحها بالكليه امام باب المسكنه و الرجاء وهو اسرع المقامات للوصول لله عزوجل
يارب ها انا ذاك بين يديك حبيس النفس واسير الخطاى ليس لى قوه الا بـــ ـسطانك ولا حول لى الا باذنك
مسكينا على بابكم يطلب صدقه عفوكم فارحمه من نفسه الاماره بالسوء ...نعم يطرح نفسه فى كل حين امام مولاه وهو يعلم حقيقه نفسه ويعلم كرم خالقه ومولاه..نعم يطرح نفسه فى كل حين ولاسيما اذا اساء واذنب وهذا المقام اذا احسه العبد على الدوام والهبته المعصيه واستشعر الندم والحسره وسالت الدموع من عينيه تبكى الذنوب وانفطر قلبه خجلا من مولاه وخالقه فنرجو له المغفره والرحمه وان غلبته نفسه
واضافت قائلا :
طيب يا جماعه احنا اتكلمنا عن الخواطر السابقه ونسينا خاطر التفكير والعزم على المعصيه يعنى لو جنابك صممت تصميم اكيد انك هتقابل البنت المحروسه اللى عليها العين وجاء ت الاقدار على غير مرادك وهوائك فماذا تكون مصير تلك البادره اتحاسب عليها وانت لم تفعلها بقدر الله ...مش عارف انا حاسس انه ياثم بها وان لم يرتكبها لانه مصر عليها وماضى فى دربها ولم يمنعه الا الله عز وجل بقدره وقدرته سبحانه الا يفعل العبد فعلا الا باذنه !!!
تتدخل حسن وقال :
ياجماعه الايه الكريمه فى اواخر سوره البقره تكشف وتحل هذه المعضله
لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة : 284 )
طبعا سبحانه وتعالى له ما فى السموات والارض وهو على شئ قدير تفتكروا ياجماعه ان الايه ختمت بصفه القدره ولم تختم بصفه العلم ذلك لان القدره اشمل من العلم وان القدره على وزن الامور بميزان الحق والاحاطه والعلم وانه يقدر سبحانه وتعالى ان يحاسب كل منا على قدره وعلى ما اعطاه من نعم وما ابتلاه من نقم فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
وكلنا نعلم ذنب العبد مقدرا من الله عز وجل والعبد بين حالتين حال قبل الذنب هل كان اخاذا باسباب البعد عن الذنب ام لا وحال بعد الذنب اكان مستغفرا كارها للفعل ام كان فرحا غير نادما على فعله
والله اعلم بعبده وقدرته وقدراته وما جبل عليه من صفات واخلاق
اذن لاذان الظهر فقمنا للصلاه وقد امتلىء قلوبنا رجاء وخوفا من الله عزوجل وايضا امتلئت قلوبنا بقينا بان القرب من الله عزوجل هو الملجا والمهرب من تلك النفس اللعينه وتلك الخواطر الدنيئه
الاخوه الاعزاء هذا ما كان بين نحن الثلاثه نرجو فان يكون حديثا نافعا ولكم التعليق والاستفسار لتعم الفائده وليكن حديثا صادقا يخرج من القلب ليدخل قلبا ربما يكون حائرا وربما يكون عاصيا وربما يكون عليما ناصحا ربما نكون على خطا فى تصور ما او على بينه فى امر اخر فنرجو القراءه مع الاضافه لعل الله ينفعنا بكم وينفعكم بنا
