[align=center]الأزمات والشدائد تكشف معادن الناس وتعريهم، والأحداث الأخيرة عرّت الذين كانوا يلبسون حلل الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، الذين كانوا يُعتبرون رموزاً في بلادهم، ويدّعون أنهم صوت الشعب والمعبرين عنه والناطقين باسمه.
فغدت أصواتهم ضد إرادة الشعب، ووقفت مصالحهم حائلاً بينهم وبين إحقاق الحق، فوصموا الشعوب بصفات لا يمحها تبدل أقوالهم من ذاكرة التاريخ.
فبعد أن حطت ثورة مصر رحالها، انقلبت أفكارهم مع الانقلاب، وتبدلت مع تبدل الحكومات، فغدا الغوغائيون - بحسب ما كانوا يصفونهم قبل أن ترجح كفة المكيال- أبطال وثوار بعد الانتصار، ومن كانوا يتهمونهم بالخيانة أمس، يقولون عنهم اليوم أنهم أشراف و مخلصون لأوطانهم، والأجندة التي تحركها أيد خفية تريد الدمار للبلاد، يعترفون الآن بأنها أيد الشعوب الشرفاء تريد إصلاح الفساد!!" فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً" سورة البقرة. أولم تتكشف لهم الحقائق إلا الآن .. أولم يكن الفساد ظاهراً لمرآهم أم هم" صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ "سورة البقرة.
والآن في ليبيا.. يعاد السيناريو نفسه؛ الصفات ذاتها تطلق وإن اختلفت المسميات... والخطابات اللا مبالية واللا مسؤولة من الحكومات، والتشكيك غمزاَ ولمزاً بمن وراء هذه الثورات، وغداً دعونا نرى كيف ستتبدل الأقوال مع تبدل الأحوال.. وتتغير الصفات والمسميات... نفاق مفضوح أولم يدركوا أن التاريخ الآن يسجل كل المواقف والكلمات؟!!
والأشد منهم نفاقاً من لزم الصمت ينتظر ما تؤول إليه الأحوال؛ حتى يحدد له موقفاً فيكون مع الفائزين، "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ"سورة النساء.
ألا يشعرون بالخزي والعار إذا وقفوا وقفة حق مع أنفسهم، وهل للحياة قيمة إن لم يكن لنا فيها وقفة حق..
الحياة موقف والشارع العربي الآن يغلي.. فهل وقفوا هذا الموقف؟!!!
قف دوّن رأيك في الحياة مجاهداً إن الحيـاة عقيـدة وجهاد
مقولة عاش الملك .. مات الملك الآن تتحول إلى مات الشعب.. عاش الشعب، وها هو المتنبي يعيد ذاته في صور شتى لكتّاب وصحفيين وسياسيين وغيرهم بعدما بقي لسنوات يمدح سيف الدولة فلما قلت عطاياه انقلب عليه فهجاه
هو التاريخ أصدقنا مقالا ومرشدنا إذا ضاع الدليل
كبار القوم مالي إذ أراكم رؤوسا بيننا ولهم ذيول
لكم شعراؤكم وهم دفوف تنفخكم فيغدو النمل فيل
وقد مدحوا ومدحهم رثاء فممدوح بلا نصــر قتيل
قائمة العار التي صدرت مؤخراً لا تنحصر في مكان بعينه، والأسماء التي فيها لم تشمل إلا المعروفين في الأوساط السياسية والإعلامية والفنية والرياضية، ولكن خلف هؤلاء أقوام وأقوام لم يذاع صيتهم لكنهم يعرفون أنفسهم ويعرفهم من حولهم "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم"سوة الفتح،وإن لم يفتضح نفاقهم فيكفي أنهم عندما يقفون مع أنفسهم يعرفون أنهم مدرجون في ذات القائمة.
[/align]