فلتسقط كل الخيارات الفئوية
وليبقى خيارات الشعب والقضية
الساحة الفلسطينية كانت وما زالت تشهد انقساماً حاداً قبل وبعد الانقلاب الدموي الذي أقدمت علية حركة حماس وذلك على شرعيتها أولاً وعلى الشرعية الفلسطينية المتمثلة في الرئاسة ثانياً وعلى القوانين والشرائع والأعراف والقيم والمبادئ الأخلاقية التي تحرم سفك الدم الفلسطيني بأيادي فلسطينية ثالثاً وبذلك يشهد الشارع الفلسطيني أيضاً حالة استقطاب كبيرة جداً والذي انعدمت فيه الأخلاقيات الوطنية والسياسية والاجتماعية وانتهكت فيها كل الخطوط الحمراء وأصبحت الشعارات ليس للتطبيق والممارسة بل فقط للمزايدة على بعضنا البعض ومن أبرز هذه الشعارات والمواقف هو موقف الحكومة المقالة في غزة المبني على شعار المقاومة فقط . وكذلك شعار وموقف حكومة تسيير الأعمال في رام الله وهو المبني على شعار التفاوض فقط ويجري الاستقطاب والاصطفافات والتكتلات بناءاً على هذين الشعارين وما تحتويه من تفسيرات وتحليلات وخطط وتدخل أجندات خارجية إقليمية ودولية وكذلك أجندات شخصية وحزبية فئوية وكل فريق يحاول دحض شعار الأخر بكافة الوسائل المتاحة حتى ولو كلف الثمن اختلاق الأكاذيب وفبركة الادعاءات وقلب الحقائق دون مراعاة أخلاقيات العمل الوطني , ويصولان ويجولان هذان القطبان ذهاباً وإياباً في الساحة الفلسطينية على مستوى الوطن والشتات وذلك لعدم وجود قطباً ثالثاً مهيأ ومعد بشكل جيد ليطرح ما لدية بقوة ليخلق حراك اجتماعي وسياسي ليخلق حالة من التوازن ويعيد الأمور إلى نصابها ويفرمل في حالة الانزلاق السياسي ويعمل على تقريب وجهات النظر في حالة الاختلاف ورغم علمي بأن هناك حراك داخل التيار اليساري على الساحة الفلسطينية في هذا الاتجاه والذي كان أخرها الشعار الذي رفعه حزب الشعب الفلسطيني وذلك في عقد مؤتمرة الرابع تحت شعار ( اليسار طريقنا نحو الحرية والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ) وأن هذا الشعار قد أضاف للتيار اليساري زخماً جديداً حتى يطرح نفسه كقوة ثالثة تستطيع الاشتباك بالواقع وتأثيراً به ولكن هذا الخيار لم يظهر بعد وحتى هذه اللحظة يعيش في حالة المخاض وأرجو أن لا يكون المخاض عسير حتى لا يولد المولود ميتاً أو مشوهاً وأن تكون الولادة سريعة حتى لا يتأخر وتزداد التراكمات وتكثر الأعباء وعندها تصعب الحلول .
وطالما لم يظهر التيار الثالث سيبقى التيارين في حالة من الصراع التناحري وستبقى حالة الاستقطاب تخف حدتها أحياناً وتشتد ذروتها أحياناً أخرى لتصل إلى مرحلة التخوين والتكفير والتجريم وتتوج بالقتل مع سبق الإصرار والترصد ولو قمنا بتفحص الشعارين وتحليلهما بشكل واقعي ومنطقي نجد بأن شعار المقاومة التي ترفعه حركة حماس بحكومتها المقالة في غزة سواء عملت به أم لم تعمل به فهو لوحدة كشعار قد أثبت فشلة وقد قسم الشارع الفلسطيني إلى قسمين وأيضاً لم يقدم حلول للقضية الفلسطينية لا على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي بل كان رغم أهميته واحتياجنا الكبير له كشعار وممارسة عملية مردودة المزيد من الحصار والعزلة والقتل والدمار لشعبنا الفلسطيني من قبل الاحتلال وفي صمت عربي ودولي مخجل وأيضاً لان حكومة غزة المقالة لا تملك غير هذا الشعار تستطيع طرحه كان نتاجه الانقلاب الدموي الذي ذهب ضحيته المئات ما بين شهيد وجريح .
وكذلك لو تفحصنا وحللنا شعار حكومة تسيير الأعمال في رام الله وهو شعار التفاوض بمعزل عن المقاومة كما يتم طرحه فأيضاً من خلال التجربة السابقة والحالية في المفاوضات تظهر لنا النتائج بأن حكومة الاحتلال غير جادة وغير راغبة ولا تريد السلام وحسب المنطق السائد الآن بأن المفاوضات لا تجلب إلا مفاوضات وها نحن منذ اتفاق أوسلو ما هي نتائج المفاوضات المزيد من استباحة أراضي الضفة الغربية والمحاولات المتكررة من حكومة الاحتلال لإفشال الرئيس محمود عباس أبو مازن وتعريته أمام شعبة ومحاصرته دولياً واللعب على التناقضات والانقسامات الحادة السائدة على الصعيد السياسي والاجتماعي الفلسطيني وأيضاً سياسة المماطلة والتسويف وخلق الوقائع الجديدة على الأرض من قبل الاحتلال في محافظات الضفة مثل الجدار والاستيطان والطرق الالتفافية والحواجز وفصل المدن عن بعضها البعض وحصار غزة من كافة الجهات والاجتياحات المتكررة لمحافظات غزة وأيضاً خلق هذا الشعار الانقسام طولي وعرضي هذا ناهيك عن تطبيق الأجندات الخارجية والشخصية والتنظيمية الفئوية لهذا أو ذاك ولصالح هذه الدولة أو تلك .
وبعد هذه الوقائع ألا يجوز لنا أن نتنازل لبعضنا البعض وأن نتوحد .
ألا يجوز لنا أن نتنازل عن فئويتنا لصالح قضيتنا الوطنية .
وبعد هذا الفشل لشعاراتنا المنفصلة عن بعضها البعض ألا يدفعنا ذلك إلى أن نعيد حساباتنا وان نعمل على توحيد شعاراتنا التفاوضية ونضالنا الكفاحي بجميع الوسائل المتاحة وضمن خطة وطنية متفق عليها من كل الأطر والتنظيمات السياسية الفلسطينية , وأن يسيران الشعارين جنباً إلى جنب وكلاً منهما يدعم الأخر وذلك بتشكيل مرجعيات عليا لهما .
بهذه الطريقة نبتعد عن حالة الاستقطاب المقيت وعن الانقسام ونتفرغ للنضال ضد الاحتلال ضاربين بعرض الحائط كل الأجندات الخارجية والشخصية والتنظيمية الفئوية والالتزام القوي والمتين بالأجندة الوطنية الفلسطينية التي تتحطم عليها كل المؤامرات الصهيوأمريكية .
بقلم
محمد سعدي حلس