مصادر الإحساس بالذات
قد يتساءل القارئ عن معنى هذا العنوان "ما هو الإحساس بالذات".
ـ دعونا نتحدث في هذا المعنى قليلاً: الإحساس بالذات هو ذلك الشعور بأن الإنسان ذو قيمة ويحقق شيء وأنه قوي ومؤثر فيمن حوله وفي بعض الأحيان يشعر الإنسان أنه لا غنى عنه لوجود بعض الصفات أو الخصائص به.
ـ والإحساس بالذات هو الدافع الذي يدفعنا للأمام ويساعدنا على تحقيق أهدافنا . وإحساسنا بالذات هو ما يمنحنا الشعور بالقوة والكيان والقيمة بالنسبة لمن حولنا من الناس .
وإحساس الإنسان بذاته ينبع من مجالات مختلفة تصب جميعها في ثلاثة محاور: السلطة أو القوة، المال، الغير.
فكروا ولو لدقيقة كيف لأحد أن يكون منبع إحساسه بالذات هو المال؟
ـ بلا شك هم الأشخاص الذين يشعرون أنهم يملكون ماديات.
فذلك الشخص مثلاً يشعر أنه إنسان مهم لأنه يمتلك العقارات أو يركب السيارة الفارهة، فهي أساساً ليست وسيلة مواصلات بالنسبة له وإنما دليلاً على إمكانياته وقدراته وذاته.
ـ ورغم أننا جميعاً نشعر بذلك ولكن حسب أولويات الشعور تكون الشخصية، بمعنى أن السيارة التي تمثل مجرد وسيلة مواصلات ولكن يراعي فيها الشخص الشكل والقدرات الميكانيكية هو إنسان لا يمثل له المال مصدر قوته ومن الناحية الأخرى ذلك الشخص الذي يهلك مادياته للحصول على سيارة فارهة لإحساسه بأن الناس سوف تغير من نظرتها له لأنه يركب سيارة فارهة وسوف ينظرون بنظرة كلها احترام وتقدير هو إنسان مصدر إحساسه بذاته هو المال.
ـ فلا نستغرب عندما نجد هذا الشخص حريص كل الحرص على ممتلكاته المادية: السيارة، المنزل، الملابس التي يلبسها، نوع المحمول الذي يحمله، هكذا ... ونلاحظ أن هؤلاء الأشخاص في تقييمهم لمن حولهم يكون التقييم أساساً مبنياً على الماديات وعلى الممتلكات.
النوع الثاني من الأشخاص هم الذين يشعرون بذاتهم من مصدر القوة أو السلطة:
ـ وهم الأشخاص الذين يهتمون بالألقاب والأنساب والمناصب التي يشغلونها.
هؤلاء نجد أن قوتهم تكمن في المنصب الذي حصلوا عليه، أي أنهم يشعرون بذاتهم عندما يجلسون على كراسي المناصب.
ـ ومصدر القوة لهؤلاء الأشخاص قد يختلف فمنهم من تكون قوته في منصب إداري، ومنهم من تكون قوته في منصب علمي (كمن يحصل على شهادات عليا في مجال تخصصه) أو من يطور مجال عمله لما فيه تجديد وتطوير مثمر.
فكلها أمثلة عن كيف يكون الإحساس بالذات نابع من إضافة قوة جديدة لما يمثله من ثقل (علمي ، أكاديمي ، سياسي أو حتى إداري).
أما النوع الثالث والأخير فهو النوع الاجتماعي:
ـ الذي يشعر بذاته وكيانه فيمن حوله من أصدقاء ومعارف فكلما زادت دائرة معارفه كلما زاد إحساسه بالذات والقوة والنجاح.
ـ هؤلاء الأشخاص تجدهم مرحين ذوي قدرة على المساعدة وتسهيل سير الأمور، يسعون دائماً لمعرفة الأشخاص والتقرب إليهم.
متواجدون عند حدوث مشاكل لتقديم المساعدة كما أنهم دائمي المجاملة في المناسبات السعيدة، كذلك تجدهم متشعبي الاهتمامات والأنشطة، ويجدون سعادتهم في إسعاد من حولهم وتوسيع دائرة معارفهم.
ودعوني أوضح لكم أن هذه النماذج موجودة فيمن حولنا ونحن أنفسنا إحدى هذه النماذج ولكن النموذج السوي للإنسان العادي هو خليط من الثلاثة أنواع:
ـ فكلنا نهتم بما نمتلك وما نحققه من مكانة وبمن حولنا، ولذا نتمكن من الحصول على النموذج السوي للإنسان، ولكن أحياناً تكون إحدى هذه النماذج طاغية على النماذج الأخرى فتكون هنا فنحصل على إنسان مادي أو إنسان وصولي أو حتى إنسان اجتماعي بصورة غير صحية.
ـ إن التوازن الطبيعي في الإنسان يحقق له التطور دون الإخلال بأحد المنابع الأساسية (القوة - المال - الناس) حتى عندما تحدث ظروف تؤدي إلى أن تطغى إحدى المنابع، فإن وجود قاعدة صحيحة في تفكير الشخص عن أهمية كل منبع ونسبة استثماره لوقته وجهده لتحقيقه، يساعد الشخص على استعادة توازنه دون الوقوع في خسائر كبيرة.
فلا يخسر الإنسان المنصب الجديد، ولا يخسر المال ليكسب منصب أعلى ولا يفقد المنصب للحصول علي المال.