الفصل الأول لمحة تاريخية
وقد اختلفت الآراء في معرفة أول ساحر في الوجود و لكن الرأي الغالب يؤكد أن ذرية ( هابيل ) هم أول من مارس السحر بمدينة بابل لأنهم كانوا زمرة من المجرمين العتاة ، ويقال أن ( هام Cham) ابن نوح عليه السلام كان من أوائل السحرة ، كان يأوي إلى جبل خاص يناجي فيه شيطانه ، و حذا حذو ( هام ) أنجاله كنعان و سيدون و غيرهم و اتخذوا السحر و عبادة الشياطين و الاتصال بهم دينا لهم.
وانتشرت ذرية (هام ) في بقاع الأرض و استوطن عدد كبير منهم بزعامة ابنه ( زُورُوَسْترْ Zoroaster ) ـ و معناه " نجمة الحياة المضيئة " ـ بلاد فارس . وقد اجمع معظم المؤرخين و الكتاب على أن زوروستر هو أول من أسس علم السحر ، و وضع له قواعده ، و زاوله و مارسه و ترك فيه آثاره التي ما زالت للآن مرشدا و مرجعا لجميع السحرة .
وعلم زوروستر السحر لأنجاله ( أزوناس ، و أبيولوس ، و أرومازوس ) وانتقل منهم إلى غيرهم ، و انتشر في جميع أنحاء الأرض حتى أنه عند اكتشاف أمريكا وجدوا سحرتهم يقومون بطقوسهم و صلواتهم السحرية كما نصت عليه المراسيم التي خلفها الفرس و الآشوريون كما أنهم وجدوا عادات السحرة و أعمالهم بالمكسيك هي بذاتها التي يقوم بها سحرة مقاطعة النافار بفرنسا و التي ما زالوا يمارسونها إلى الآن ، كما يوجد في الوقت الحالي ما يربو على المائتي ألف شخص من طائفة ( البارسيين ) بالهند يدينون بمذهب زوروستر و يعملون حسب تعاليمه السحرية .
ويمكن القول إذا بأن تاريخ ظاهرة السحر و السحرة يبدأ منذ خمسة آلاف عام قبل ظهور المسيح عليه السلام ، عندما وضع أسسه و مارسه الساحر الكبير زوروستر في بلاد فارس ، وقد حفظت معظم تعاليمه في الأفستا (Avesta ) وهو الكتاب المقدس للفارسيين القدماء كما عد الكهنة الفارسيون أو المجوس الرعيل الأول من السحرة و المنجمين ، و نجد منذ القرن الأول الميلادي إلى ما بعده استخدمت كلمة مجوس للإشارة إلى السحرة و الراجمين بالغيب الوافدين أساسا من بابل ، و قد اشتهروا بأشكال مختلفة من الحكمة ، ولكن بانهيار الإمبراطورية الفارسية صارت هناك تفرقة بين المجوس الفارسيين الذين تميزوا بالمعرفة الدينية العميقة ، وبين المجوس البابليين الذين اعتبروا غالبا من السحرة المشعوذين ، وجاء بعد الفرس الكنعانيون و الكلدانيون و المصريون و الهنود و غيرهم .