]لقد خلق الله الإنسان فأحسن خلقة ,وكونه من عنصرين لا ينفك أحدهما عن الآخر , بل يؤثر ويتأثر كل منهما بالآخر وهما ( النفس والجسد ). فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أنه إذا أصيب جزء من الجسد تأثر له الجسد كله ومع النفس كما في الحديث ( ...... كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) فما بالك إذا تأثر أحد العنصرين الأساسيين فلا شك أن العنصر الآخر سيستجيب له بصورة كبيرة.
ومن الأمثلة العلمية الطبية التي تؤيد هذه العلاقة وتوضحها ما يحصل من تغيرات جسدية وفسيولوجية نتيجة لبعض الضغوط النفسية , فقد أظهرت الدراسات والأبحاث العلمية إن تعرض الإنسان لبعض الضغوط النفسية يضعف جهاز المناعة لدية , ويؤثر سلباً على الخلايا المناعية , فيصبح هذا الإنسان عرضة للإصابة بالالتهابات والأمراض المعدية بسهولة أكثر من غيره ؛ كما أظهرت دراسات أخرى أن اعتدال الحالة النفسية والمزاجية للإنسان يؤثر بصورة إيجابية على جهاز المناعة ويجعله قادراً - بإذن الله - على مقاومة الكثير من الأمراض العضوية.
وصورة أخرى تظهر قوة العلاقة بين النفس والجسد أظهرتها أيضاً بعض الدراسات الطبية وهي أن التعرض للضغوط النفسية يحفز بعض الغدد لتفرز بعض المواد بصورة أكثر من المعدل الطبيعي مما قد يسبب أضراراً كثيرة للجسد : كزيادة نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم وسرعة معدل التنفس وزيادة استهلاك الجسم للأوكسجين.. ولذا فقد توصلت بعض الأبحاث الطبية إلى أن العلاقة بين الاضطرابات النفسية والاضطرابات الجسدية ( العضوية ) تظهر في إحدى الصور التالية:
أن تكون العوامل النفسية سبباً في ظهور المرض العضوي أو في زيادة شدته ,كما هو الحال في بعض الأمراض العضوية : مثل : قرحة المعدة و الإثني شعر وارتفاع ضغط الدم , والصداع النصفي وبعض الأمراض الجلدية وغيرها ...
أن تكون بعض الأمراض العضوية سبباً للمرض النفسي : وذلك كما في حالة اضطراب نشاط الغدة الدرقية حيث يسبب نقص النشاط الاكتئاب النفسي وتؤدي زيادة النشاط إلى ظهور حالات القلق النفسي وغيرها من الأمثلة.
أن تكون الأعراض الجسدية جزءاً من الاضطرابات النفسية : فمثلاً الخفقان ,أو رعشة اليدين أو الشعور بالدوخة قد تكون - في بعض الحالات - تعبيراً جسدياً عن القلق ,كما قد تكون الآلام المتعددة والصداع هي تعبيرات جسدية عن حالة الاكتئاب النفسي أحياناً , من أشهر الأمثلة على هذا النوع : مرض القولون العصبي : فهو في حالات كثيرة جداً وإنما هو تعبير جسدي عن القلق النفسي .
أن تكون الأعراض النفسية ثانوية للمرض العضوي , وخاصة الأمراض المزمنة مثل : السكري , ارتفاع ضغط الدم , أو الأورام وغيرها ,مما ينتج عن الإصابة بها أحياناً بعض القلق والتوتر وشعور باليأس والإحباط لدى بعض المرضى.
ومما سبق يتضح لنا أن الجسد له أمراضه وعلله وأن النفس لها أمراضها واضطراباتها وأن كلاً منهما يؤثر في الآخر , فعلينا أن ننظر لهذا الإنسان كما خلقه الله ( نفس وجسد ) في وحدة متماسكة ومترابطة لا ينفك أحدهما عن الآخر