وكانوا لنا خاشعين لماذا لا نخشع كيف نكون من الخاشعين
قال الطبري:وكانوا لنا متواضعين متذللين ، ولا يستكبرون عن عبادتنا ودعائنا.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي اللـه عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللـه عليه وسلم قَالَ: «أَوَّلُ شَيءٍ يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الخُشُوعُ، حَتَّى لَا تَرَى فِيهَا خَاشِعًا» رواه الطبراني وصححه الألباني.
· لماذا لا نخشع؟ :إن الظواهر التي تظهر على الكثير من قسوة القلب وقحط العين وانعدام التدبر، هي بسبب الانشغال بالدنيا التي طغت على قلوبنا فأصبحت تشاركنا في عبادتنا، ولا يمكن للقلوب أن ترجع لحالتها الصحيحة حتى تتطهر من كل ما علق بها من أدران.
· أجمع العارفون:على أن الخشوع محله القلب وثمرته على الجوارح فالخاشعون هم الخاضعون للـه والخائفون منه.
· فُسرَّ الخشوع في الصلاة: بأنه جمع الهمة لها والإعراض عما سواها.
· أَصْلُ الخُشُوعِ:هُوَ لِينُ القَلْبِ وَرِقَّتُهُ وَسُكُونُهُ وَخُضُوعُهُ وانكِسَارُهُ، فَإِذَا خَشَعَ القَلْبُ تَبِعَهُ خُشُوعُ جَمِيعِ الجَوَارِحِ وَالأَعْضَاءِ؛ لأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهُ.
· من صور خشوع السلف: كان ابن الزبير رضي اللـه عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط.
· يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الخُشُوعِ أَمْرَانِ:
- الأَوَّلُ: عَدَمُ الانتِهَاءِ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ.فَإِنَ الصَلَاةَ الخَاشِعَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( إِنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
- الثَّانِي: عَدَمُ تحصيل الفَلَاحِ الكامل يَوْمَ القِيامَةِ؛ لِأَنَّ اللـه تَعَالَى عَلَّقَ الفَلَاحَ يَوْمَ القِيامَةِ بِالخُشُوعِ. قَالَ اللـه تَعَالَى: ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )
· روح الصلاة :الخشوع هو روح الصلاة والمقصود الأعظم منها فصلاة بلا خشوع كبدن ميت لا روح فيه.
لما رأى سعيد بن المسيب رجلاً يعبث في صلاته، قال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
· خشوع النفاق:عن أبي يحيى أنه بلغه أن أبا الدرداء أو أبا هريرة قالا: تعوذوا باللـه من خشوع النفاق، قيل: وما هو؟ قال: أن يرى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
· كيف نكون من الخاشعين؟:
- أولا: أن تستحضر نظر اللـه تعالى إليك في حركاتك، و سكناتك في صلاتك، وفي قراءتك، وفي قيامك وقعودك، فالخشوع لا يختص بالصلاة، و إنما هو عبادة قلبية يظهر أثرها على الجوارح في كل أحوال العبد.
- ثانيا: معرفته لربه جل جلاله معرفة صحيحة تورث التعظيم.
- ثالثا: أن تستشعر وتستحضر أنك على الصراط فوق جهنم، وكأنك تشاهد الجنة والنار أمام عينك، وكأنك قمت بين يدي اللـه عز وجل في موقف الحساب.
· الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق: قال ابن القيم: أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب للـه بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء فينكسر القلب للـه كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء وشهود نعم اللـه وجناياته هو فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع.
· خشوع الصلاة قسمان :
1. الخشوع الظاهري:هو كون المصلي ساكناً ناظراً إلى موضع سجوده غير ملتفت يميناً ولا شمالاً مبتعدا عن العبث وسبق الإمام وموافقته .
الخشوع الباطني: ويكون باستحضار عظمة اللـه و التفكر في معاني الآيات والأذكار وعدم الالتفات إلى وساوس الشيطان. الـورع
قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)قال الطبري : وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه،واجتناب معاصيه(وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه اللـه، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه ( فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة.
· معنى الورع في الأصل:الكفّ عن المحارم، والبعد عن الشبهات.
· عرف ابن القيم الورع بقوله: ترك ما يُخشى ضرره في الآخرة.
· وَرَعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللـه عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ: [ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُهَا] رواه البخاري ومسلم.
· كيف تعرف ورع الرجل: قال يونس بن عبيد: إنك تكاد تعرف ورع الرجل في كلامه إذا تكلم.
· أشد الأعمال: قال بشر بن الحارث: أشد الأعمال ثلاثة: الجود في القلَّة، والورع في الخلوة، وكلمة الحقِّ عند من يخاف منه ويرجى.
· قالوهب بن منبه : ثلاث من العلم:
1- ورع يحجزه عن معاصي اللـه.
2- وخلق يداري به الناس.
3- وحلم يرد به جهل الجاهل.
· صورة من الورع :لقد بلغ من ورع سلف هذه الأمة مخافة الوقوع في الحرام الكثير، فقد رجع عبد اللـه بن المبارك من مرو إلى الشام لكي يعيد قلما إستعاره من صاحبه .
· الورع المظلم : قال محمد بن إبراهيم بن مربع : كنت عند أحمد بن حنبل وبين يديه محبرة، فذكر أبو عبد اللـه حديثا فاستأذنته أن أكتب من محبرته فقال: اكتب يا هذا فهذا ورع مظلم.
· من القواعد في الورع : ما نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: الواجبات والمستحبات لا يصلح فيها زهدٌ ولا ورع ، وأما المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد والورع .