جملةٌ من أُنشودةٍ محببةٍ تربيت عليها و شكلت جزء من مخزون طفولي برئ وجميل ، احتوى عبق من ماضٍ حنون ، بين يدي والدتي الحبيبة عندما كانت تترنم به ...
سرحت اليوم فيها غرقت بلا مقدمات في عذوبة صوتها و ذاك الوجه الطيب المشرق بالأمان ، وضفيرتها السوداء الناعمة المنسدلة على كتفيها في كل رقة حين تنزل على عيناي ، فتداعب بها أنفي بحنان ، فأضحك بنشوة ودلال و أنا أردد معها ( ماما زمنها جاية ....ألخ ) وعندما أصل إلى مقطع ( معاها شنطة ... يتحول إلى سنته !!! فقد كان لدي مشكلة مع حرف الطاء والسين !!! فتنفجر أمي من الضحك حتى تسيل دموعها من طريقة ترديدي للأغنية ، فأقوم أنا برفع صوتي أكثر حتى أستمتع بصوت ضحكاتها الحبيبة ويشرق وجهها الناصع البياض كالقمر الملئ بالضياء ، فأحس كأني ملكت الدنيا وما فيها و أني أميرة متوجة على عرش الدلال والأمان ....
لم تكن تعني لي الدنيا سوى ضحكات أمي وسماع صوتها العذب يُردد لي تلك الترانيم ( بابا جاي أمتى ...ألخ ) ، في أثناء أعمالها المنزلية و أنا أراقبها من مكان إلى مكان ، لم أكن أدعها تغيب عن ناظري لحظة واحدة ، فقد كانت لي رمز الدفء والإستقرار وحلاوة الحياة بين يديها ، شخصيتها القوية وبرغم صرامتها إلا أنها كانت مليئة بالحب والعاطفة ،تألف غريب بين تلك السمات ، عندما تعود بي للوراء تلك القصاصات ، أحس بالحيرة منها ... حاولت أن أكون مثلها من شدة تعلقي بها ولكن ... يبدو أن عامل الوراثة لعب لعبتة معي ، فمنحني كل حنانها وعطفها ورقتها وصبرها وقوة تحملها للمصاعب و حرمني من ذلك الجانب القاسي الذي كانت تعرف كيف ومتى تستغله وتخرجه ، أحس أني أحوج إليه الآن يا أمي ....
هذه القسوة الممزوجة بالطيبة والرقة ... توليفة لم أجد صُنعها رغم إحتياجي الشديد لها ، وكم أنا أحوج الآن إلى ذلك الإحساس بالأمان بين يديها وعلى نغمات صوتها ، ولكن ....
لا الأيام تعود بنا للوراء و لا أنا عدت تلك الطفلة الصغيرة التي تلعب بضفائرها وتقفز على أحضان أمها كلما أحست بالخوف لتلعب وتضحك كما تشاء ، فكل شيء تغير حتى نحن يا أمي !!!!
هذه دعوة مني لكم لكتابة بعض من تلك الأيام الخوالي و ذكريات الطفولة البريئة ، فهلا شاركتموني فيها ؟