كشف تقرير أميركي صدر في واشنطن النقاب عن أن بيع البضائع والخدمات الأميركية في العديد من القطاعات التجارية في العالم العربي، انخفض كنتيجة مباشرة للانتفاضة والشعور المعادي للولايات المتحدة في المنطقة.
وقال التقرير إن هذا التوجه في ازدياد وحذر من إمكانية ستمراره وربما تفاقمه.
وأضاف التقرير الذي أصدره المجلس القومي حول العلاقات الأميركية العربية أنه بالرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة في التقليل من شأن الآثار الناجمة عن الدعوة إلى مقاطعة شعبية عربية رسمية للمنتجات الأميركية تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية، إلا أن الدلائل تشير إلى أن المقاطعة لها تأثير.
وكشف التقرير أيضا النقاب عن أن البيانات التي أشارت إلى أن القرارات الفردية بعدم شراء البضائع والخدمات الأميركية، من شأنها أن تضر بصورة رئيسية بمواطنيهم العرب أصحاب الامتيازات التجارية، وقال إن العديد من ممثلي رجال الأعمال العرب والأميركيين، نظر إلى هذه البيانات على أنها خاطئة ومضللة، صيغت بطريقة لتقليل آثار المقاطعة. وأضاف التقرير أن "البيانات أغفلت حقيقة أن معظم هذه الامتيازات تمت بالشراكة مع المستثمرين الأميركيين".
كتب التقرير الدكتور جون ديوك أنطوني، رئيس المجلس القومي حول العلاقات الأميركية العربية، وأمين سر لجنة التعاون المؤسسي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في واشنطن. وقد استند أنطوني، الذي زار منطقة الخليج العربي والدول العربية في شمال إفريقيا مرارا منذ اندلاع الانتفاضة، في تقريره على الملاحظات والمباحثات، التي أجراها مع كبار رجال الأعمال الأميركيين والعرب في المنطقة.
وقال أنطوني إن السياسة الأميركية تغفل الضرر الذي يحصل لصورة البضائع الأميركية في عيون المستهلكين. وأضاف أنهم "يفشلون في الأخذ بعين الاعتبار الأثر بعيد المدى الذي سيحدثه ذلك على الأطفال الذين سيشترون بضائع في المستقبل، ولكنهم تعلموا في المدارس أن الإقبال على البضائع الأميركية أمر خاطئ".
وألمح إلى أن المسؤولين الأميركيين "لا يفكرون مليا بتردد الزعماء العرب في إبرام صفقات تجارية جديدة مع الأميركيين، بما في ذلك بعض الصفقات التي تصل قيمتها بلايين الدولارات والتي كان من المقرر لها أن تتم الآن. وهم لا يعترفون كذلك، بالضربة التي وجهتها المقاطعة للكثير ممن عولوا على استراتيجيات الأسواق الجديدة لزيادة حصصهم في السوق، وتعزيز علاماتهم التجارية".
وحذر أنطوني من أن هناك دلائل كافية على الضرر الذي أحدثته الانتفاضة، وتعامل الولايات المتحدة معها، على المصالح الاقتصادية والتجارية الغربية وخاصة الأميركية منها حتى الآن. وقال "ومع ذلك فإن هناك إشارات تنذر بأنه سيكون من الصعب، أن يستمر الموقف على ما هو عليه، بل إن هناك دلائل على أن المزيد من الضرر سيحدث في المستقبل القريب".
وأشار أنطوني إلى أن "العديد من المصالح الأميركية تبدو غير مشجعة. ومن بين المصالح الإستراتيجية، والاقتصادية والسياسية والتجارية وغيرها من المصالح والترتيبات التي يمكن أن تتأثر، تلك التي تتعلق بالاستقرار والدفاع، والتجارة، والاستثمار والتعاون التقني وعقد الامتيازات التجارية".
وأضاف أن المراقبين والمحللين في المنطقة، ليسوا غير متنبهين إلى ما يمكن أن يحدث في حالة اتخاذ الولايات المتحدة خطوة خاطئة حيال موضوع القدس في الفترة القادمة. ويعتقد هؤلاء أن ذلك يمكن أن يكون مساويا أو أكبر من الضرر الذي حصل نتيجة المطالبة بمقاطعة البضائع الأميركية تأييدا للانتفاضة الفلسطينية".
وألمح أنطوني إلى الدليل على التأثير الناجم عن مقاطعة المنتجات الأميركية، والذي استقاه من محادثاته الأخيرة مع ممثلين عن المؤسسات الأميركية الكبرى، التي لها وكالات وامتيازات وموزعون في المنطقة. ووفقا له، فإن مبيعات إحدى سلسلة مطاعم الوجبات الأميركية الرئيسية قد انخفضت بنسبة 40% منذ بداية المقاطعة، كما أن سلسلة أخرى من مطاعم الوجبات السريعة علقت لافتات كتب عليها "100% محلي" (أي ليست مملوكة للأميركيين). وقال مدير في مطاعم أخرى للوجبات السريعة: "العمل لدينا بلغ من الركود كثيرا".ويعود السبب في ذلك إلى أن "الأجانب توقفوا عن المجيء إلى هنا. فهم بعد أن ينتهوا من العمل، إما أنهم يبقون في المنازل أو يذهبون إلى مؤسسات غير أميركية".
وقال أيضا إن وكالة سيارات أميركية بارزة أعلنت مؤخرا عن خصم كبير في الأسعار، أملا منها في اجتذاب الزبائن. وأضاف أن المراقبين المحليين يعتقدون بأن هذا مؤشر على أن أرباح المؤسسة قد تناقصت، وهذه هي الطريقة لمحاولة رفع المبيعات في أكبر سوق أجنبية للسيارات الأميركية.
ويعزو أنطوني سبب المقاطعة إلى الدعوات التي أطلقها العلماء في الخليج، والذين حثوا الناس على مقاطعة مئات المنتجات الأميركية، التي تتراوح بين شطائر ماكدونالدز والكوكاكولا، إلى كالفين كلاين والجينز، وذلك تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية. وقد استشهد بتقارير صحفية عن لائحة تحمل أسماء المئات من المنتجات الأميركية التي يجب مقاطعتها تم توزيعها على المدارس، ومراكز التسويق، والمؤسسات الأخرى في جميع أنحاء الخليج، وخاصة في قطر والإمارات العربية المتحدة. وقد اشتملت القائمة المؤلفة من ثلاث صفحات على السيارات، ووسائل العناية الصحية، والملابس وأدوات التجميل، والأغذية، والمطاعم، وأجهزة الحاسوب والأدوات الكهربائية الأميركية.
وأشار أنطوني إلى وسيلتين رئيسيتين أدتا إلى تعزيز الدعوة إلى المقاطعة وهما: الخطب الدينية الأسبوعية في المساجد، والمحاضرات اليومية في كافة أنحاء الإقليم.
ويرسخ كلا الأمرين درجة من العداء ضد الأميركيين لدى القاعدة من الناس بدرجة لم يشهدها التاريخ الحديث. وفي كلا الحالين تهدف الرسالة إلى أنه "كيف للمرء أن يشتري أي شيء أميركي في الوقت الذي لا تفعل فيه الولايات المتحدة شيئا لإيقاف الظلم في فلسطين". وقال أنطوني إن الدعوة غير الرسمية لمقاطعة البضائع الأميركية والخدمات تزداد قوة، بواسطة الكلمات أو المكالمات الخلوية، ومن خلال البيانات التي ينقلها الواعظون والمدرسون.
وأضاف أن الانخفاض الحاد في ارتياد المطاعم الأميركية سريعة الوجبات، والذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الجزيرة العربية المعاصر، بالإضافة إلى مقاطعة البضائع الأميركية المتعددة والمعروضة في مراكز التسوق، يمكن إرجاعه إلى ما يسمى "قوة التلاميذ" أو "نفوذ الأطفال".
ووفقا للتقرير، فإن كلا التعبيرين يشير إلى الدور الذي يلعبه أطفال المدارس في الاحتجاج ضد سياسات الولايات المتحدة . ويطلب الطلاب من كافة الأعمار من أهلهم عدم شراء أي بضاعة لها علاقة بالأميركيين. ويردد البالغون ليس ما يسمعونه في المساجد وحسب، ولكنهم يعملون بوحي من ضميرهم ولا يرغبون في أن ينظر إليهم كمتقاعسين من قبل أبنائهم وبناتهم.
وقال إن العديد من المعلقين في الكويت، لاحظوا أن فئة كبيرة في البرلمان، أخذت منذ بعض الوقت بالتحول نحو الوطنية ومعاداة الغرب.
وفيما يتعلق بهذا الخصوص فإن عددا كبيرا من أعضاء المجلس يعارضون بشدة، السماح لشركات الطاقة الغربية بالاستثمار في حقول النفط في شمالي البلاد. ويبدو أن العضوية في الجماعات المتشددة المعادية للغرب وخاصة الأميركيين آخذة في الازدياد في الكويت.
ويقول التقرير إن بعض المطاعم ذات العلامة الأميركية خارج منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، قد تم تخريبها من قبل الغاضبين من السياسة الأميركية تجاه الانتفاضة. وقد "أخبرني صديق عائد من القاهرة، أنه شاهد النوافذ المحطمة لمطعم ماكدونالدز هناك. وقال الصديق: لقد كان شيئا مرعبا. وأضاف أنه "كان منظرا محزنا".
ويقول التقرير إن صحف المعارضة في مصر نشرت أسماء العشرات من الشركات الأميركية على القائمة السوداء، بما فيها البيبسي كولا لأنها كما قالت الصحف "وقفت شركة البيبسي بكل بنس لديها لإنقاذ إسرائيل".
وأشار نفس التقرير إلى أن "جمعيات المهنيين والمفكرين في الأردن ولبنان، حيث توجد في البلدين جاليات فلسطينية كبيرة، قالت بأنها ستساعد على اصدار أكثر وأكبر للقوائم سوداء بأسماء الشركات الأميركية".
وكذلك شعرت البحرين بالآثار المترتبة على الوضع كما عبرت عنه صحيفة "غالف نيوز" اليومية حيث ذكرت أن "مطاعم الوجبات السريعة الأميركية هنا، ذات الشعبية الواسعة بين صفوف الشباب، بدأت تعاني من الكساد في عملها، عندما تحول الرأي العام ضد الولايات المتحدة".
ويعتقد أنطوني أن كافة هذه الأحداث يمكن اعتبارها بمثابة تدمير إضافي لعملية السلام المنهارة". وجادل بأن "أية محاولة للوصول إلى تقييم للضرر المادي الذي أدت إليه هذه الأحداث، يجب أن لا ينحصر في الماديات والتجارة فقط، بل يجب أن تأخذ في عين الاعتبار قيمة الخسارة في المصالح الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية بالإضافة إلى كل شيء آخر استثمره العرب والإسرائيليون مع الأميركيين، من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي في المنطقة.
وأضاف أن الفرص لعقد مشاريع تجارية جديدة بين العرب والإسرائيليين، وهو الأمر الذي كانت تهدف إليه المكاتب التجارية الإسرائيلية في بعض العواصم العربية قد توقفت لأجل غير مسمى، مما يشكل أيضا كارثة تجارية سببتها الانتفاضة.
ووفقا لأنطوني فإن هناك كارثة أخرى حلت بالسياحة، وهي من أهم الدعائم الاقتصادية في إسرائيل، وحجر الزاوية لمصر والأردن. وقال أنطوني "إن الكساد في السياحة بسبب الانتفاضة الفلسطينية كان كبيرا. فإذا كانت الأرقام التي تتعلق بالسياحة في إسرائيل، هي بطريقة ما، دليل على ما يمكن أن يكون حصل في مصر والأردن، فإنه من الجدير بالملاحظة وفقا للتقرير الذي نشر في 27 تشرين الثاني / نوفمبر، أن حجم السياحة في إسرائيل قد انخفض بنسبة 40% منذ بدء الانتفاضة".ويقول التقرير في نهايته، إن الرسالة الواضحة الموجهة إلى البيروقراطيين في واشنطن، والى أتباع الدين الإسلامي في كل مكان، كانت "أن حكومة الولايات المتحدة كانت غير إنسانية وغير صادقة".
وقد عزز ذلك الرأي، بين المسؤولين والشعوب على حد سواء، في تجاوبهم مع ما يحدث من أمريكا وإسرائيل من انتهاكات ، وأن الأميركيين لم يكونوا صادقين مع مبادئهم المعلنة وقيمهم .ويبدو أن ما ينتظر المصالح التجارية الأميركية وغيرها من المصالح الكبرى الأخرى واضح إذا ما استمرت الانتفاضة إلى أجل غير مسمى.
وقال التقرير إن "جيلا جديدا في العالم العربي.. أخذ ينمو وأخذ ينطبع في عقليته عداء للولايات المتحدة لم يكن موجودا ". "لقد تغيرت قواعد اللعبة بالنسبة للمصالح الأميركية في العالم العربي. ويستطيع الإنسان أن يأمل فقط أن يتفهم الأميركيون ذلك في الوقت المناسب، لتصحيح مسارهم، والتعلم بقبول النتائج"
(البوابة)
تأكد أخي أن مقاطعتك ولو لسلعة واحده .. تهز كيان العدو .. وتعتبر من صفوف المجاهدين ..
لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدى لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع الغاء مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع التصويت في هذا المنتدى تستطيع ارفاق ملف في هذا المنتدى تستطيع تنزيل ملفات في هذا المنتدى